مقدمة

ولد إميل زولا في باريس عام 1840 وكان أبوه مهندساً إيطالياً هاجر إلى فرنسا وعمل في البداية في مصلحة السكك الحديدية ثم في بناء الجسور وأقنية الري. تابع زولا دراسته في مدارس مدينة إكس-أن-بروفانس وبعد ذلك في باريس. توفي والده عام 1847 ولم يترك لأسرته أي إرث مادي فوقعت هذه الأسرة بضائقة اقتصادية وبعوز كبيرين. ثمّ رسب إميل زولا في الشهادة الثانوية ولم يتمكن من إكمال دراسته وأخذ يبحث عن عمل فدخل إلى مكتبة هاشيت ليمارس عملاً يدوياً ثمّ أسندت إليه مهمة الدعاية في المكتبة نفسها نظراً للذكاء الذي أبداه. إلا أن المواهب الأدبية ظهرت عنده بشكل مبكر وبدأ يكتب بعض الأشعار البعيدة كل البعد عن الواقعية والمادية وغادر عمله في مكتبة هاشيت عام 1866. نشر في البداية قصصاً مغرقة في الخيالية وذات طابع متحمس ورومانطيقي. كما أصدر كتاباً نقدياً عنيفاً جداً عام 1866، عنوانه (أحقادي)، غير أنه نشرعام 1867 رواية تختلف بشكل جذري عما سبقها وعنوانها (تيريز راكان). هذه الرواية التي تحكي قصة رجل وامرأة أقرب إلى الجنس الحيواني منهما إلى البشر، والتي تغلب عليهما غرائزهما الجسدية، كانت متأثرة بروايات الأخوين غونكور، التي كانت تتناول الآثار المدمرة للأمراض النفسية والعاهات الموروثة على الأشخاص وكذلك بما كتبه الناقد الفرنسي تين عن أثر المحيط الاجتماعي السيئ في هذا المجال. ومنذ هذا التاريخ بدأ زولا يعتبر نفسه كاتباً طبيعياً يدرس الجنس البشري كما تدرس الأجناس الحيوانية متأثراً في ذلك بكتابات الدكتور لوقا في مجال العلوم الطبيعية وخاصة الوراثة وكذلك بما كان ينشره العالم الفرنسي كلود برنارد عن الطب التجريبي.

نشر زولا عام 1879 بحثاً بعنوان (الرواية التجريبية) استقى معظمه من كتابات كلود برنارد وتبنى فيه أفكاره مطبقاً إياها على الرواية. وأهم ما فيه هو أنه ينبغي على الروائي أن يأخذ أحداثه من الطبيعة ثم يدرس آلية هذه الأحداث بعد إخضاعها لمتغيرات الظروف والأوساط الاجتماعية.

توفي زولا في باريس عام 1902.